lundi 11 mai 2009

صحراء الجزائر.. متحف ضخم في الهواء الطلق
الجزائر: بوعلام غمراسة يتحدى الطوارق أو «أهل اللثام» الصحراء الجزائرية، يعبرونها ويعانقون رمالها الدافئة ويقيمون في أرجائها متحدين أيضا رياحها وعواصفها الرملية وشمسها الحارقة ولا يعطشون.
يهيم أهل الطوارق ويعيشون في جزء من الصحراء الافريقية الكبرى يعرف باسم منطقة ازواد التي تستقطب عددا كبيرا من السياح الاجانب لا سيما الالمان التواقين لاكتشاف جمال وسحر الصحراء في القارة الافريقية السمراء.
يقطع السياح مساحات شاسعة للوصول الى الصحراء وبالتحديد الى منطقة الاهقار حيث تنطلق الرحلة من العاصمة الجزائر الى ولاية تمنراست عاصمة المنطقة الصحراوية الجزائرية، وتستغرق الرحلة حوالي ساعتين ونصف الساعة في الطائرة، أي المدة نفسها التي تستغرقها الرحلة من لندن الى العاصمة الجزائرية على سبيل المثال. ويوجد في تمنراست فندق «تاهات» الشهير الذي يعد قبلة السياح الاجانب ينطلقون منه عادة في رحلاتهم في عمق الصحراء، أما اذا كنت من محبي المغامرات واختبار الصحراء بكل سحرها وجمالها يمكنك البقاء في المخيمات التي تنتشر بكثرة في أطراف المدينة، ويملكها أصحاب الوكالات السياحية الذين ينظمون الرحلات الصحراوية التي تعرف اليوم باسم الـ«سفاري»، ويمكن للمقيمين في الخيم التمتع بتنظيم حفلات شوي اللحم على الجمر على طريقة «الباربكيو» في الهواء الطلق، والاستمتاع بشرب الشاي.
وتقوم وكالات السفر والسياحة بتنظيم الرحلات مع تأمين سيارات رباعية الدفع تناسب طبيعة الصحراء ويؤمنون المياه في قَِرب مصنوعة من جلد الجمال والبعير، بالاضافة الى تأمين الخيم الصغيرة والمؤن الغذائية. غالبا ما تكون الرحلة الى الصحراء الجزائرية طويلة الامد تستمر لعدة أيام، يستمتع خلالها المسافر بتفسيرات المرشدين السياحيين الذين يقدمون المعلومات اللازمة، وهم من الطوارق، ويعرفون الصحراء شبرا بشبر. وينصح دائما بعدم التجول لمسافة بعيدة في الارجاء الصحراوية من دون مرافقة الدليل السياحي، بحيث أنه من السهل أن تضيع في الصحراء. ويتوقع المشرفون على قطاع السياحة في الجزائر «رجع صدى» إيجابياً لمهرجان السياحة الصحراوية الذي جرى بمدينة تمنراست (80 كلم جنوب العاصمة) في الأيام الثلاثة الأخيرة من العام الماضي. ويعتقد وزير السياحة الجزائري محمد الصغير قارة أن عملية الترويج الضخمة التي تركزت على محميتي «الاهقار» و«طاسيلي» ستجلب أعدادا كبيرة من السياح الأجانب خلال عام 2005.
واكتشف مئات السياح الأجانب بمناسبة المهرجان، لأول مرة، سحر مرتفعات «الاهقار» عبر رحلة انطلقت من مدينة تمنراست التي تقع أصلا في قلب المرتفعات المكونة من جبال صخرية تحيط بها ما يشبه هضاب علوها 2000 متر. و«الاهقار» عبارة عن سلسلة جبلية يصل ارتفاعها إلى 3 آلاف متر، وتدعى «الآتاكور» أي «الرأس» باللهجة الترقية التي يتحدثها «التوارق»، سكان الاهقار الأصليون.
وقد صنفت منظمة «اليونيسكو» السلسلة الصخرية ضمن التراث الأثري، واعتبرتها منهلا للباحثين المختصين في الجدرايات العظمية للحيوانات المحلية التي عاشت في المنطقة قبل مئات الآلاف من السنين.
وورد في الدراسات المتخصصة أن عمر موقع «الاهقار» يترواح بين 600 ألف سنة ومليون سنة. وشاهد زوار الموقع في عشرات الآلاف من الصور المنقوشة على الصخر وأشكالا لا حصر لها من الرسوم، وكهوف وملاجئ واشياء مصنوعة من الحجر. واحتضن الموقع في العصور القديمة حيوانات من فصيلة الثدييات وطيورا نادرة وأنواعا من الزواحف والحشرات.
وعلى مسافة 200 كلم دائما في محيط «الاهقار» اكتشف السياح سلسلة «الطاسيلي» التي صنفتها «اليونيسكو» تراثا عالميا عام 1982، كما صنفتها خزانا للبحوث العلمية حول الإنسان والحيوان. وتبلغ مساحة الطاسيلي 10 آلاف هكتار وتضم آلاف النقوش الصخرية التي تعكس جانبا عن صراع الإنسان من أجل كسب قوت يومه، من خلال صور مطاردة الغزال وحيوانات أخرى. وتوجد في الموقع قصور مبنية بالصلصال والخزف على طول واد جاف.
ويقع في شمال طاسيلي، ما يعرف بـ«طاسيلي نويدر» وإلى الشرق «طاسيلي الناجر» وإلى الجنوب الشرقي «طاسيلي أنهقار» و«طاسيلي إين روح». وفي الجنوب توجد جبال أخرى تنتمي الى الطاسيلي تدعى «طاسيلي سيساو». ويغطي «الاهقار» و«طاسيلي» مساحة 55 ألف كلم مربع، أي ما يعادل ضعف مساحة بلجيكا. ويقع «طاسيلي أنهقار» على بعد 100 كلم فقط من الحدود مع النيجر، بينما يقع «طاسيلي الناجر» بالقرب من الحدود الليبية. وتظهر بعض السلاسل الجبلية في شكل قبب ضخمة، وبعضها الآخر عبارة عن أفواه كلاب مكشرة الانياب.
* احتفالات ونشاطات: * تقام في الصحراء عدة احتفالات منها عيد الربيع يتمتع السائح خلاله بسباق الجمال الذي ينظمه الطوارق بالاضافة الى السهرات وتقديم الاغاني التقليدية التي تحكي عن الصحراء والحب والربيع ترافقها سهرات فولكلورية من بينها رقصة «شروا» التي تتخذ شكل مبارزة يؤديها شبان بلباس مميز وتهدف الى التدرب على استخدام السيف وتمرين العضلات، ويقوم الطوارق الملثمون بتأدية رقصة العرس، حيث تصطف مجموعة من الجمال تنطلق من مسافة بعيدة وتجري متلاصقة بسرعة كبيرة، فيما تنطلق مجموعة أخرى
مشابهة من الطرف الاخر وتتقاطع المجموعتان في شكل يخيل للناظر انهما حتما تتجهان الى الاصطدام، لكنهما تتفاديان ذلك بمهارة فائقة.

:صحراء الجزائرأرض من المريخ
منحوتات بركانية ورسومات حجرية عمرها آلاف السنين
بقلم : علي العامري
صحراء الجزائر أرض مختلفة، تضم تكوينات بركانية منحوتة بفعل الرياح، مدهشة بأشكالها الغرائبية، كما لو ان الطبيعة تطلق العنان لخيالها الجامح في تلك الجغرافيا السحرية، حتى يخال زائرها انه على أرض مريخية.
وتستعد الجزائر الى نهضة سياحية كبيرة، لتكون واجهة للسياحة العالمية والاستثمار في المجال السياحي. ولدى الحكومة الجزائرية برنامج لتحقيق ذلك، خصوصا ان الجزائر تعتبر “قارة” متنوعة تبلغ مساحتها اكثر من 2،380 مليون كيلومتر مربع، تشكل الصحراء معظم تلك المساحة.
وتتميز الجزائر بالتنوع الثقافي والبيئي والطبيعي، وتعد الصحراء أعجوبة حقيقية، وشهدت حضارات متعددة، حيث عثر على رسومات ونقوش ملونة وأخرى محفورة في صخور الجبال تعود الى آلاف السنين. وتضم الولايات الصحراوية الكثير من الواحات، وتم تسجيل عدد من المناطق في منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث الانساني، لما تتميز به هذه المحميات الطبيعية والتراثية من خصوصية وعمق، واعتبرت اليونسكو منطقتي الأهقار والطاسيلي متحفين طبيعيين.
وتعتبر منطقة الاهقار من مناطق الطوارق الذين يطلق عليهم اسم “الرجال الزرق” أو “الرجال الملثمون”. وفي تمنراست الولاية الواقعة في أقصى جنوب الجزائر وتبعد حوالي 2000 كيلومتر عن العاصمة، اقيم المهرجان الأول للسياحة الصحراوية في نهاية العام الماضي واختتم مع مطلع العام الجديد. وتشهد تمنراست وبقية الصحراء الجزائرية حركة سياحية نشطة، وتوجد فيها وكالات عديدة لتنظيم الرحلات في عمق الصحراء البركانية التي تشبه قصيدة منحوتة في الهواء الطلق. وتتوافر في صحراء الجزائر فنادق ومخيمات لاقامة السياح.
في ولاية تمنراست أرض الطوارق، ثمة سحر خاص يتمثل في طيبة أهلها وكرمهم ومساعدتهم لضيوف الصحراء المدهشة.
أما المرأة الطارقية فهي “سحر أزرق” حيث تتميز بجمال خاص، ولها حضور قوي في مجتمع الطوارق، وهي عادة لا تغطي وجهها. وتستخدم امرأة الطوارق “النيلة” في صبغ اصابعها باللون الأزرق، حيث تستعملها للزينة من جهة وللحماية من برد الصحراء وشمسها من جهة أخرى. وتتميز ملابسها بألوان يغلب عليها الأزرق ودرجاته، اضافة الى البني والعنابي.
كما ان لمرأة الطوارق حضوراً في الفنون والاساطير والتراث الذي تزخر به المنطقة الصحراوية.
وابتكرت المرأة موسيقا “الأمزاد” الخاصة بالطوارق، حيث تؤديها النساء بالعزف على آلة “الأمزاد” وهي كمان بوتر واحد. وتقول اسطورة تشكيل هذه الآلة انه في قديم الزمان عندما كانت القبائل تتحارب، عبرت النساء عن احتجاجهن على ذلك الاقتتال، فقامت احداهن بصنع آلة “الامزاد”، وبدأت العزف بين قبيلتين تقتتلان. وعندما سمع الرجال هذه الموسيقا، أصيبوا بالدهشة وألقوا أسلحتهم.
وتتميز منطقة الأهقار بالصناعات التقليدية، ويوجد في تمنراست عدد من مشاغل الفضيات والجلود. كما تتوافر فيها جامعة ومعهد مهني ويجري العمل على بناء جامعة جديدة. وتنتشر في الشارع القديم في تمنراست محلات لبيع المشغولات والأعمال التقليدية، يتوافد عليها السياح، من مختلف دول العالم.
في تلك الصحراء البركانية، تستخدم سيارات الدفع الرباعي في الجولات السياحية. ويعد التجوال فيها بمثابة رحلة سحرية ومتعة للعين، كما انها فرصة للتأمل والهدوء.
وفي منطقة الصحراء الكبرى في الجزائر، ثمة طقوس خاصة للشاي الذي يسمونه “التاي”، الذي يعده الرجل الصحراوي على الحطب. والشاي ثلاث درجات، مرّ ومتوسط الحلاوة وحلو. ويقول البعض انه يتم في الجلسة الواحدة تناول “التاي” بدرجاته الثلاث، دلالة على الحياة والموت، والتناوب بين المرارة والحلاوة.
جبل أسكرام الذي يبعد نحو 80 كيلومترا عن مدينة تمنراست، يعتبر مقصدا مهماً للسياح، ويتم الوصول إليه عبر طريق غير مرصوف، وتستغرق الرحلة نحو ثلاث ساعات، حيث تتخللها مشاهد طبيعية مدهشة، من بينها اشكال جبلية تشبه الابهام والأسد والفيل والسمكة التي يسمونها “الحوت” وغيرها من التكوينات البركانية المذهلة. قمة جبل اسكرام ترتفع حوالي 2800 متر عن سطح البحر، وتصل درجة الحرارة هناك في الليل الى 12 درجة تحت الصفر في أوقات من السنة. ولكنها تستحق الزيارة، لمشاهدة أجمل غروب وشروق للشمس في العالم حسب التصنيف السياحي، اضافة الى تأمل الطبيعة الساحرة بين تلك الجبال. الصحراء الجزائرية سيرة من الدهشة والمحبة والسحر. انها أرض مريخية في الجزائر.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire